Saturday, May 19, 2018

غرام تسعيناتي



صمتنا المنثور على الطاولة
رأيتيه كلعبة شطرنج صعبة
بينما كنت أرتبه في الهواء
ككقصيدة لا تهم أحدا 
كنت مرتبكة وخائفة
كفراشة في فاترينة عرض
وأنا سعيد ككلب ساذج
تعثر في بركة ماء
على حدود صحراء بلا آخر
..
الكلام أصعب من الوحدة
أنتِ أجمل من العالم
وأنا تلميذ خائب
قرأ ألف كتاب
وكتب ألف قصيدة
وفشل أن يقول كلمتين
..
أنا لست طامعا في الكثير
بعد أن عرفت البداية والنهاية
بيني وبين الحب كلمة
بيني وبينك خطوتين
بيني وبين آخر العالم
طبطبة على الظهر
قبل أن ينتهي كل شيء
..
قلتِ فلنكن أصدقاء
وافترقنا 
هكذا أردنا للحكاية أن تكون
عادية كفيلم قديم
تحدث لكل الناس

ولا تتكرر أبدا

بوول
١ يناير ٢٠١٨

Friday, May 18, 2018

أنتِ أو ما شابه اسمك




كنت أخاف عليكِ من كل شيء
في الطريق من الميلاد للموت
من مخرج المترو حتى مدخل طلعت حرب
وحش واحد على الأقل في كل ركن
وملاك موت يستعد للهجوم
وضعتكِ في فقاعة ملونة حتى لا تمسك الأرض
فطارت للبعيد

..

تركت كرسيك خاليا فسكنه عفريت بلا وجه، فقط ثقبين في مطرح الرأس من ملاءة بيضاء، تعودت أن يشاركني الإفطار كل صباح ويضع الملح في قهوتي المرة أصلا، دعابة صارت سخيفة وإن كنت أتظاهر بالضحك ويتظاهر شبحك بالانتصار، الأسخف أني كنت أرى عفاريت كثيرة في كل شارع في طريقي إلى العمل وكأنني أعيش في مقابر الصدقة، مفروض أن يكون ذلك مخيفا ولكني كنت استهلكت رصيدي من الخوف

..

كنت أظن أنك ستحبينني حين أنقذ العالم، ثم عرفت إنك تكرهين العالم كما تكرهين الاستيقاظ مبكرا وأفلام السوبر هيروز، العالم نفسه لم يكن يريد أن ينقذه أحد، العالم كان يقول لنا أنه هو بطل القصة الذي ينقذ الجميع وليس العكس، العالم كان يزورك في نومك في ثياب طفل جميل، ثم يقبلك ليتحول إلى سوبر مان ويطير لينقذك من الحزن وينقذني من الحب، لكن غيرتي الدائمة جعلته أكثر نضجا وأقل جمالا، العالم كف عن زيارة أحلامك فسكنتها الكوابيس، وهكذا غمركِ الحزن حتى تحولت إلى طائر أسود، وسقطت أنا في الحب حتى انقصفت رقبتي، ولم يعد هناك أحد لينقذنا

..

هكذا عرفنا كيف يقتل الحب العالم 
لم يكن صوت الله ولكن سارينات الإسعاف
لم يكن البرزخ ولكن غرفة الإنعاش
أنا في منزلة بين المنزلتين 
أضع الأنابيب في أفواه المرضى
وأوقع شهادات الوفاة
بينما تبدأين حياتك الجديدة

في جنة الطيور السوداء 

ليفربول - ٢٣ أكتوبر ٢٠١٧

العب من جديد يا سام



التي كانت تحمل البحر في عينيها
تركت صبارة في قلبي 
قبل أن يبتلعها الزحام 
من ساعتها وأنا واقف أمام النافذة
في انتظار أن يكف المطر
عدونا تحته ذات مساء لنتدفأ في مقهى سري
ونتشارك النميمة ودخان الأراجيل
كان عازف البيانو في فيلم كازبلانكا
يحاول أن يكمل أغنيته الأخيرة
"You must remember this
A kiss is still a kiss 
A sigh is still a sigh"
فاجأته نهاية الفيلم فانقطع اللحن
ودخل النازيون علينا الأبواب 
هكذا انتهت محاولتي لكتابة قصيدة حب
قبل أن يبدأ تعليق المشانق
العجيب أن أحدا لم ير ما حدث 
حين أصبح الأسفلت بلون الدم 
والشجر مثقلا بأجساد الأصدقاء
العيال الشياطين خرجوا من المدارس 
ليقذفوا الأغصان بالحجارة
فأجابتهم بالتوت و بمب العيد
الناس طبعوا أكفهم الحمراء على الحوائط 
لتحميهم من عيون الحاسدين 
أنا وقفت أمام النافذة
في انتظار الأبابيل 
ماذا يفيد الغناء إذن يا صديقي؟
ولماذا علينا أن نتذكر 
" A sigh is still a sigh "
وماذا يفيد تكرارك اللحوح 
هل غادر الشعراء من متردم؟
هل غادر الشعراء أصلا 
بعد أن أفسدوا الواقع بالمجاز 
وقصص الحب بالنهايات السعيدة 
الإنسان أصله كلمة 
الزحام أصله الكلام المكرر 
والصمت دواء للجميع 
ربما لو عرفنا حكمة السكوت وقتها 
لما امتلأت الطائرات بالراحلين 
ونبت في قلوبنا الصبار 
هكذا بهدوء الوقت حين يمر
قتل الزحام العالم


8/04/2016
https://www.youtube.com/watch?v=Z1Bfeh4vrek

Saturday, April 07, 2018

وداعا أيها الغريب

قطار أسود لعين 
أخذ أحبابي بعيدا ومضى
كنت تقول لي في الزمان القديم : 
لا تثق في مدينة لا تنام 
أو في بيت يفزِع أهله في الليل
بوقع أشباح سكانه السابقين
لذلك كنت تسير منحنيا
في الشوارع المزدحمة بفوضى المعركة
بين الجنود السود والجنود البيض
وتبشر بالرمادي العظيم
تمسك روحك ألا تفلت منك
كبالونة في الخماسين
وترى الموت يراقبك بصبر
من كل نافذة مفتوحة
ويدندن على إيقاع قلبك المتعب
وينتظر أن يتعطل اللحن
كنت ترثي كثيرا للموت
ليس إلا موظفا وحيدا بحكم المهنة
كسائق قطار أسود لعين
حبيس في مقصورة
وحده لا يغادر
و لا يشم رائحة البحر
بعد أن يصل محطة سيدي جابر
وحده لا يحلم إلا بترقية صغيرة
حين ينال اسمك القابل للنسيان
ويكتبه في أرشيف الراحلين
..
كان ذلك في الزمان القديم
الآن تغير كل شي
الأحمر الدامي صبغ العالم
الجنود صاروا ملوك المدينة
النوافذ ازدحمت بالأموات
اللحن توقف
بعد أن وصل القطار المحطة
بينما أنت تقف على الشاطيء
تشم رائحة البحر وتضحك
وتتعرف على الحياة من جديد
٤ إبريل ٢٠١٨



Monday, October 09, 2017

تأمين صحي ضد الحزن

من قال ان السماء ضيقة
ها هي تتسع لنا 
حين نهرب من حزن العالم
ومن مسارات السير الإجبارية
ليس ذنب السماء 
أن الحزن تسرب إلى أمتعتنا 
ليفاجئنا في صورة جواز السفر 
وفي علب الهدايا و وجوه الراحلين 
كلنا ننحني تحت الثقل المفاجئ 
ونبرر الوزن الزائد لموظفي المطار 
ولا نعرف ماذا نقول 
قلت سأشتكيهم إلى الله
حين أقترب منه في ممر الصعود 
ربما يسمعني حينئذ
ويجيب الأسئلة القديمة الملحة
والدعاءات التي فسدت على الأرفف
ربما يغطينا بسحابة لا تمطر
أو بتأمين صحي ضد الحزن
ربما يرسل ملائكته علينا
في صور أصدقاء بعيدين
تسابقنا معهم في شوارع وسط البلد
تحت مطر خريفي مفاجئ
ثم لا يجرحنا التذكر
كل هذه الكراكيب يا الله
ندوب الحب القديمة 
الهزائم التي ربيناها في بيوتنا 
التراب الكثير في قلوبنا 
أسماء الأحبة الغائبين 
سنتركها كلها هناك 
لنعبر من الجوازات خفافا 
من يقول إذن أن السماء ضيقة

حين تتسع لكل هذا الخراب؟

3 أكتوبر ٢٠١٦

Saturday, October 07, 2017

مديح الكراسي الخالية

سلام على المطر الخفيف
يعرف أجساد الوحيدين في الزحام 
ويحوطهم ببريق لا يزول
سلام على شوارع لم تنسنا 
دفنا وجوهنا فيها ذات مساء
تحت طبقات من الإعلانات والضجيج
ثم ارتدينا وجوه قطط ضالة
لنمتلك ليل المدينة بلا منازع
ونترك النهار للفقراء وعابري السبيل
سلام على مقاه سكناها 
فيها نسم علينا الهوى
من مفرق الشتاء الذي انتظرنا
عبرناه نوة بعد نوة
وجليدا بعد جليد
وقابلنا أنفسنا في آخره 
هكذا عرفنا بالطريقة الصعبة
أن العالم دائري يلف حول لاشيء 
غير أشباح من كسرنا قلوبهم  
يتطلعون لنا من الكراسي الخالية 
يسممون قهوتنا وأحلامنا 
ولا يرحلون 
سلام عليهم  
وعلى كل شيء تركناه وراءنا 
من أجل كتف نرتاح عليه

ليفربول
٧ أكتوبر ٢٠١٧ 

Photo: The Beatles statue, Liverpool


Monday, April 11, 2016

مقعد بين السماء والأرض

للشهداء لا لملوك المدينة 
مطر يوشك أن يقبّل وجه الأرض 
من بطن سماء مثقوبة بالرصاص 
غريان تغني للغد الذي لا يأتي 
صبار يخرج من عيون عيال الشوارع 
مقعد حجري بين السماء والأرض
جلست عليه ذات مساء لأصلي 
غنت الأمهات لفراق الأحبة لا للجنازة 
فتشقق الأسفلت وانحنت أعمدة الإنارة 
ولم يسمع الغناء أحد 
"يا رب تخرج الحي من الميت
والميت ممن أكثر موتا
فكيف صار الموت يأكل العيال
ويعاف قاتليهم؟؟ " 
كانت المدينة تتزين كحبيبة غادرة 
والمآذن تسبّح بالالهة الجديدة 
ناديت 
حبيبتي يا طيبة كعقد فل 
أهداه عيل ساذج لبنت الجيران 
لي مقعد بين السماء والأرض 
أجلس عليه كل صباح لأعد الجثث 
تشاركني قطة في الصباحات المشمسة 
عجوز يأكله الزهايمر في الخريف 
ظلك الأخضر في بقية العام 
لي أصدقاء ينزلون من الجنة 
يطاردون قاتليهم في الحارات الخلفية
كل مساء كأبطال القصص المصورة 
لي حكايات عن السفر البعيد 
وعن الأرض التي لم تعد لنا 
ساودع كل ذلك في قصيدة 
نفس القصيدة التي أكتبها منذ عرفتك 
مختومة كقلوب الوحيدين 
لا يقرؤها أحد
للشهداء لا لملوك المدينة



10 /04 /2016

Monday, March 30, 2015

وين بدك تهرب ما فيك تطير


طائرات وحوثيون و عسكر
لم يعد لنا مكان في العالم 
إذ تتباعد أيدينا الباردة
وننزلق لأطراف الخريطة
نحن الذين أدمنّا لعبة الحرب صغارا
و كسرنا أشياء الله الجميلة
بطلقات الفلين وبمب العيد
نحن الذين مللنا من اللعب
وعرفنا أن السلام ختام 
يفاجئنا فزعنا من صوت أول رصاصة
و دم أول قتيل من الجيران
عار علينا 
إذ يتنازع المذءوبون لحمنا في الشوارع
أن نختبئ تحت الأسرة 
فلننج باللحم الباقي منا 
و نختبئ في مكان آخر
لا تراه إلا عين الله
نعلم أنه سيريد أن ينتقم منا
لأننا كسرنا أشياءه الجميلة
سيرسل ملائكته ولكننا مستعدون
سنخيفهم بأشكالنا الممزقة
كوجوه الزومبي في فيلم السهرة
سيتهاوون أمامنا كملائكة ساقطة
حين يرون ذخيرتنا الباقية
من طلقات الفلين وبمب العيد 
سنقف هنالك فوق النور المحترق
تحت عين الله
لا يقتلنا أحد
لأننا مقتولون أصلا
بوول 
31/3/2015